آخر الأحداث والمستجدات
قضاة جطو يرصدون اختلالات مجلس جهة مكناس تافيلالت
توصل والي جهة مكناس تافيلالت عامل عمالة مكناس بمراسلة من وزير الداخلية، يطالبه فيها بإجراء بحث وموافاته بتقرير حول ما جاء في شكاية بعض النواب والمستشارين بالبرلمان، والتي يلتمسون فيها من رئيس الحكومة إجراء افتحاص لمجلس جهة مكناس تافيلالت، واتهامه بهدر المال العام، ودعم جمعيات معينة لأغراض سياسية وانتخابية، مضيفين أن المجلس الجهوي المذكور يصرف ما يقارب المليار سنتيم من ميزانيه، لدعم جمعيات لا يظهر لنشاطها أي أثر على أرض الواقع، سوى خدمة أجندات سياسية وانتخابية ضيقة لرئيس الجهة "سعيد شباعتو".
وتضيف الشكاية والوثائق التي حصلت عليها "الأحداث المغربية"، أنه وبالاطلاع على الجداول الخاصة بدعم الجمعيات خلال سنتي 2012 و2013، يتضح بما لا يدع مجالا للشك خلفيات دعم جمعيات بعينها سنويا، وأهداف التركيز على إقليم دون غيره من الأقاليم، مستشهدين بالرشيدية كإقليم معروف بهشاشة بنياته الاجتماعية، والذي لا يستفيد إلا من 200.000 درهما سنويا، مقارنة مع إقليم ميدلت ب 2.000.000 درهما سنويا، في حين تأتي بقية الأقاليم في مستويات أقل بكثير مما يخصص لإقليم ميدلت الذي منح سعيد شباعتو رئيس الجهة مقعدا برلمانيا خلال الاستحقاقات البرلمانية الأخيرة.
وتضيف الشكاية، على أن سعيد شباعتو يمنح مستشفى ميدلت الذي تديره شقيقته كل سنة ماليا يتجاوز 500.000,00 درهم، وكأنه أضحى عيادة خاصة، تستغل لأغراض سياسية وانتخابية.
وارتباطا بذات الموضوع، أشار التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات برسم سنة 2013، في جزئه الثاني الخاص بمراقبة التدبير واستخدام الأموال العمومية، إلى العديد من الاختلالات التي عرفها تدبير مجلس جهة مكناس تافيلالت في توزيع الدعم على الجمعيات، والتي تستحوذ على نسبة كبيرة من ميزانية التسيير، حيث بلغت أوجها سنة 2010 بنسبة 45,47% من ميزانية التسيير، وهي السنة التي سبقت الانتخابات التشريعية التي أجريت سنة 2011.
كما سجل قضاة جطو في تقرير لم يجف مداده بعد غياب الموضوعية والتصور الواضح لمفهوم التضامن ودعم المجتمع المدني من طرف مجلس الجهة، والذي يجب تجسيده عبر اعتماد معيار الاستحقاق لتوزيع الدعم، بإعطاء الأولوية للجمعيات المشتغلة في المجال الإنساني أو الرياضي حسب ما هو منصوص عليه في قانونها التنظيمي، دون التأكد من مدى مزاولة هذه الجمعيات لهذه الأنشطة، وذلك عبر إشراك الهيئات الوطنية المرتبطة بأنشطة هذه الجمعيات، كمندوبية التعاون الوطني، ومندوبية الرياضة، والثقافة.
بالإضافة إلى إغفال مجلس الجهة إيجاد الصيغة الملائمة لمعايير الدعم، وغياب التواصل بين الجهة والجمعيات المستفيدة، والتي لم تحين العديد منها المعطيات الخاصة بمقراتها، مما يتعذر القيام بزيارات ميدانية للجمعيات قصد التحقق من نشاطها وفعاليتها، وعد اعتماد إطار تعاقدي مع الجمعيات المستفيدة من الدعم، وكذا عدم تتبع إنجاز الأهداف المتوخاة من تقديمه.
ولم يغفل التقرير أيضا الحديث عن تسلم ملفات دعم الجمعيات خارج الأجل المحدد، ودون التأكد من مدى توافقها مع القوانين المعمول بها، وكذا دون إرفاقها بالوثائق الضرورية المخولة للاستفادة من الدعم، وعدم تحديد الوثائق التي يجب تضمينها بملفات الجمعيات المرشحة للاستفادة من الدعم، وعدم بلورة مقاربة لتوزيع الدعم تقوم بالأساس على استبعاج الجمعيات ذات الملفات الناقصة، وتلك التي لم تقدم بيانا بأنشطتها عن السنة المنصرمة، والاحتفاظ فقط بالجمعيات المستوفية للشروط القانونية، بالنظر إلى العدد المهم للجمعيات المرشحة للاستفادة من الدعم.
كما أغفل المجلس الجهوي إلزام الجمعيات التي تستفيد من دعم يتجاوز 50 ألف درهم الإدلاء بالميزانية السنوية، حسب مقتضيات المادة الأولى والثانية من قرار وزير الاقتصاد الوطني والمالية، التي تنص على أن على الجمعيات التي تتلقى سنويا إعانات عمومية ملزمة بإعداد ميزانية سنوية من فاتح يناير إلى 31 دجنبر من كل سنة، تظهر بوضوح جميع المصاريف المزمع أداؤها، والمداخيل المتوقع تحصيلها.
هذا، وقد أوصى المجلس الجهوي للحسابات عقب سرده لكل الملاحظات المتعلقة بهذا المجال، بإعمال مسطرة واضحة لتلقي طلبات الجمعيات، والحرص على اشتمالها على الوثائق الضرورية المخولة للاستفادة من الدعم، بما في ذلك سلامة وضعيتها القانونية وبيان أنشطتها ومدى امتدادها ومشروع ميزانيتها السنوية، واعتماد معيار الاستحقاق لتوزيع الدعم عبر بلورة تصور واضح لمفهوم التضامن ودعم المجتمع المدني من قبل مجلس الجهة، ثم صياغة إطار تعاقدي مع الجمعيات المستفيدة من الدعم، مع ضرورة تتبع لجنة التضامن والعمل الجمعوي والرياضة للدعم المقدم لها.
من جهته، وفي جوابه عن كل هاته الملاحظات، أفاد "سعيد شباعتو" رئيس جهة مكناس تافيلالت في تقرير خصوا به قضاة جطو، على أن الجهة تحرص على وضع آجال للتوصل بملفات طلبات الدعم من الجمعيات بمختلف أصنافها، وأنه ولظروف خاصة، يتم وضع بعض الاستثناءات التي تخص بالأساس الجمعيات الإنسانية، والمؤسسات الخيرية التي تتكفل برعاية النزلاء من أطفال وأيتام وعجزة، وأنها تنشر كل سنة لائحة تتضمن الوثائق المطلوبة لملفات الجمعيات في سبورة الإعلانات بإدارة الجهة، وذلك طيلة مدة استقبال الملفات، وأنها تبعد كل الملفات الناقصة، وتحث الجمعيات على إرفاق ملفاتها بالتقريرين الأدبي والمالي، وكذا الوثائق المحاسبية التي تثبت عملية صرف الدعم المقدم من الجهة، وأنه ابتداء من سنة 2012، وبشكل قاطع تم استبعاد كل ملفات الجمعيات التي لا تقدم حسابات وكشوفات الدعم السابق الذي تتوصل به من الجهة، وذلك إعمالا لملاحظة قضاة المجلس الجهوي للحسابات.
أما بخصوص الجمعيات التي تستفيد من دعم مالي يتجاوز 50 ألف درهم، فقد أكد رئيس الجهة على أن المجلس يحرص على إلزام الجمعيات المستفيدة في إطار اتفاقيات بأن تكون وثائقها المالية والإدارية مطابقة للقانون، وأن الاتفاقيات تنص على التعاون في موضوع أو مشروع بميزانية محددة، كما يلزمها أيضا بتقديم جرد كامل مشفوع بالوثائق المحاسبية لكيفية صرف الدعم المخصص من الجهة، وأن مجلس الجهة سبق وأن راسل سنة 2012 كل الجمعيات المستفيدة من الدعم، من أجل تقديم حسابات تبين فيها كيفية صرف الدعم، وأن الجمعيات التي لم تقدم الحسابات سيتم منعها من الاستفادة من منح الجهة، وإحالة ملفاتها على أنظار المجلس الجهوي للحسابات.
هذا، وأمام هذا الوضع، يتساءل العديد من المهتمين والمتتبعين لشأن الجهة، عما إذا كان والي جهة مكناس تافيلالت بصفته آمرا بالصرف سيستمر في التأشير بالموافقة على دعم هاته الجمعيات بهاته الطريقة المنافية للقانون برسم سنة 2015، علما أن هذه السنة هي سنة انتخابات بامتياز، وهل ستتحرك آليات المتابعة من قبل محاكم جرائم الأموال بعد هذا التقرير الأسود الذي دبجه قضاة جطو، أم أن الانتخابات ستلعب دورا في إبعاده خارج دائرة المتابعة القضائية إلى أجل غير مسمى حسب ما يروج.
الكاتب : | عبد الرحمن بن دياب |
المصدر : | الأحداث المغربية |
التاريخ : | 2015-04-12 00:53:31 |